
بلادي اليوم :
في ظل التحوّلات الاقتصادية المتسارعة التي تعرفها مختلف جهات المملكة، تبرز مدينة الناظور كمجال حضري يزخر بمؤهلات واعدة، لكنها لا تزال ترزح تحت وطأة اختلالات بنيوية على مستوى الاستثمار السياحي والترفيهي. ورغم موقعها الجغرافي الاستراتيجي على الواجهة المتوسطية، إلا أن الناظور تعيش واقعًا استثماريًا محدودًا لا يرقى إلى إمكانياتها المتوفرة. وفي هذا السياق، تُسلّط رابطة المستثمرين بجهة الشرق الضوء، من خلال تقرير تحليلي، على مظاهر القصور في السياسات التنموية المحلية، مع التنبيه إلى المخاطر المتنامية لاستمرار هذا الجمود، والدعوة إلى مراجعة شاملة تعيد توجيه بوصلة الاستثمار نحو القطاعات المُهملة والواعدة، وعلى رأسها الترفيه والسياحة الثقافية والبيئية.
بلاغ رابطة المستثمرين بجهة الشرق
قسم التحليل والدراسات الاقتصادية
تعيش مدينة الناظور، في السنوات الأخيرة، على وقع دينامية استثمارية محدودة تفتقر إلى التنوع والبعد الاستراتيجي. وبينما يُعوَّل على هذه المدينة ذات الموقع المتوسطي الفريد لتكون قطبًا سياحيًا واقتصاديًا واعدًا، نجد أن الواقع الاستثماري لا يرقى إلى مستوى التطلعات، وهو ما تُسجله رابطة المستثمرين بجهة الشرق بقلق بالغ.
إن التمركز شبه الكلي للمشاريع في قطاعي العقار والمطاعم، مقابل غياب واضح للمشاريع ذات الطابع الترفيهي والسياحي والثقافي، لا يُنتج سوى اقتصاد موسمي هشّ، تكون حركته مقتصرة على شهري يوليوز وغشت، لتدخل المدينة في باقي أشهر السنة في نوع من “السبات الاقتصادي”، تتجلى آثاره في ارتفاع البطالة، إغلاق المحلات، وجمود الحركة التجارية.
وقد لوحظ أيضًا أن هذه البنية الاقتصادية الضيقة تدفع بعدد من الكفاءات الشابة، ورجال الأعمال الصاعدين، إلى الهجرة نحو مدن أخرى أكثر دينامية، في ظل غياب فرص استثمارية حقيقية وبيئة مشجعة على المبادرة.
ومما يُفاقم هذه الوضعية، هيمنة تصور قاتم بات يُرافق الناظور خارج موسم العطلة، حيث تُوصَف في أكثر من مناسبة بـ”مدينة الأشباح”، رغم أنها تتوفر على مؤهلات بحرية وجبلية، وموارد بشرية، وموقع جغرافي يؤهلها لتكون في مقدمة المدن الجاذبة للسياحة والاستثمار.
أمام هذا الوضع، تؤكد رابطة المستثمرين بجهة الشرق على ضرورة:
1. إعادة النظر في السياسة الاستثمارية بالإقليم، وجعل الترفيه والسياحة الثقافية والبيئية من ركائزها الأساسية.
2. تهيئة فضاءات ومناطق جذب حقيقية، مثل الحدائق الكبرى، مراكز الترفيه، المنتزهات الطبيعية، المتاحف، والمراكز الثقافية متعددة الوظائف.
3. تحفيز استثمارات الجالية المغربية المقيمة بالخارج، خاصة وأنها تلعب دورًا محوريًا في إنعاش الاقتصاد المحلي خلال العطل، ولديها الاستعداد للانخراط في مشاريع واعدة إذا توفرت الرؤية والثقة.
4. ربط المشاريع التنموية بتحسين البنية التحتية والولوجيات، مع خلق مناطق مهيأة مخصصة للاستثمار الشبابي.
كما تدعو الرابطة كافة الفاعلين، من سلطات محلية، ومجالس منتخبة، ومؤسسات تمويل، إلى العمل المشترك على بلورة رؤية تنموية شاملة، تضمن توزيعًا متوازنًا للاستثمار، وتُعيد الثقة للمستثمر المحلي والجهوي والدولي.
إننا نؤمن بأن مدينة الناظور لا ينقصها شيء لتكون وجهة متكاملة، سوى الإرادة الجادة والبرمجة الذكية للمشاريع. فالتأخر في التنويع الاستثماري لم يعد مجرد ملاحظة تقنية، بل بات تهديدًا حقيقيًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى المتوسط والبعيد.