عائلة لوكيلي تحول متحفاً خاصاً إلى معلم ثقافي ومزار سياحي بإقليم الدريوش

بلادي اليوم :
في إطار انفتاحها على المبادرات الثقافية التاريخيّة ، وتثمينًا للجهود الفردية التي تخلد الذاكرة وتحافظ على التراث، وتزامنا مع حلول اليوم العالمي للمتاحف، تسلط جريدة بلادي اليوم الضوء على نموذج فريد بمدينة الدريوش، حيث تحوّلت مبادرة شخصية إلى معلم ثقافي وسياحي بارز، يجمع بين الشغف، الاستثمار، وخدمة الثقافة: إنه متحف خاص يعود لعائلة لوكيلي، الذي أسسه الأخوان عبد الرزاق وعبد القادر لوكيلي، وكرّسا له جزءًا كبيرًا من حياتهما ومواردهما.
يقع المتحف في عقار خاص على مساحة تفوق 5000 متر مربع بجماعة امطالسة – إقليم الدريوش، ويضم أكثر من 12 ألف قطعة نادرة، جُمعت بعناية على مدى سنوات طويلة، بتمويل خاص من العائلة، دون أي دعم مؤسساتي. التحف المعروضة تعكس تنوعًا ثقافيًا وتاريخيًا كبيرًا، وتمثل فترات مختلفة من تاريخ المغرب والعالم، من بينها أدوات أثرية تقليدية، أجهزة إلكترونية قديمة، عملات نادرة، آلات موسيقية، أسلحة بيضاء، ومخطوطات، بالإضافة إلى سيارات كلاسيكية نادرة. و درجات نارية من نوع الثمين
المتحف لا يُعد فقط فضاءً لتخليد الذاكرة، بل أصبح اليوم وجهة سياحية وثقافية يقصدها الزوار من مختلف دول العالم. السياح، أفراد الجالية المغربية، الشخصيات الدبلوماسية، والمهتمون بعالم التحف، كلهم وجدوا في هذا الفضاء تجربة فريدة ومصدر دهشة وإعجاب.
وتكتمل هذه الصورة الحضارية من خلال مساهمة السيد عبد القادر لوكيلي، الذي لا يكتفي بدوره في إدارة المتحف، بل يُمثل المغرب أيضًا في المحافل الدولية الخاصة بالسيارات العتيقة، حيث يشارك بسياراته الكلاسيكية النادرة، بحكم منصبه كنائب رئيس الجامعة الملكية المغربية للسيارات العتيقة. وقد شارك في مسابقات دولية مرموقة، رافعًا علم المغرب، ومساهمًا في التعريف بتراث المملكة هذا التفاعل بين المتحف ومجال السيارات العتيقة يُبرز التكامل بين الحفاظ على الذاكرة والانفتاح على العالم، ويعكس مدى احترافية وشمولية رؤية عائلة لوكيلي، التي جعلت من التحف مشروعًا ثقافيًا وسياحيًا واستثماريًا، يخدم المنطقة ويُعرف بها دوليًا.
ورغم هذا النجاح البارز، لا يزال المشروع قائمًا على مجهودات ذاتية خالصة، ينتظر دعم الجهات الوصية وتصنيفه كمتحف رسمي، بالنظر إلى حجمه، محتوياته، وقيمته الرمزية في إقليم لا يتوفر على مؤسسة مماثلة.
إن تجربة عائلة لوكيلي تُثبت أن الثقافة يمكن أن تكون استثمارًا ناجحًا، إذا ما تلاقت فيها الرؤية، الشغف، والإرادة. وبهذه المناسبة، تدعو جريدة بلادي اليوم إلى تثمين هذا النموذج ودعمه، وجعله قدوة في الربط بين التراث والابتكار، وبين الماضي والحاضر.
وبمناسبة اليوم العالمي للمتاحف، تبرز تجربة متحف عائلة لوكيلي كدليل حي على أن حفظ التراث لا يقتصر على المؤسسات الرسمية، بل يمكن أن ينبع من مبادرات شخصية تؤمن بأهمية التاريخ والذاكرة الجماعية. في هذا اليوم الذي يُحتفى فيه عالميًا بالمتاحف ودورها في ربط الشعوب بماضيها، نوجه التحية لعائلة لوكيلي التي جسدت بروحها وجهدها ورؤيتها، المعنى الحقيقي للمتحف كفضاء حي للتعلم، والحوار، والتبادل الثقافي. إن الاعتراف الرسمي والدعم المؤسساتي لمثل هذه المبادرات لم يعد خيارًا، بل ضرورة لحماية الذاكرة وتثمين الجهود المواطِنة التي تصنع الفرق على أرض الواقع.